المؤلف | رولان بارت |
---|---|
التصنيف | بيوغرافيا ومذكرات |
القسم | يوميات ومراسلات |
اللغة | العربية |
حجم الملف | 2.25 ميجا بايت |
نوع الملف | |
التحميلات | 4619 تحميل |
كتاب يوميات الحداد pdf, تحميل كتاب يوميات الحداد pdf - رولان بارت, تحميل مباشر من مكتبة كل الكتب, كتاب يوميات الحداد مصنف في قسم يوميات ومراسلات, كتب رولان بارت pdf, يمكنك تحميل كتاب يوميات الحداد برابط مباشر فقط انقر على زر تحميل كتاب يوميات الحداد pdf مجاناً وسيتم التحميل فوراً دون التوجيه لمواقع اخرى |
«يوميات الحداد» أحدث ما تُرجم إلى العربية من كتابات رولان بارت (1915- 1980م) ضمن إصدارات المركز القومي للترجمة بالقاهرة، إعداد وتقديم «ناتالي ليجير» وقد ترجمته من الفرنسية إيناس صادق. بدأ بارت كتابة هذه اليوميات في اليوم التالي لوفاة والدته في المدة من 26 أكتوبر 1977م إلى 15 سبتمبر 1979م، وكان يكتب بالحبر وأحيانًا بالقلم الرصاص على بطاقات كان يعدها بنفسه من أوراق ذات مقاس موحد كان يُقطّعها إلى أربعة أجزاء وكان يحتفظ دائمًا باحتياطي منها على منضدة عمله، وقد حُرِّرتْ أساسًا في باريس وأورت بالقرب من بايون وبعضها في تونس والمغرب حيث كان يُدعَى بارت بانتظام للتدريس هناك.
تذكر ناتالي ليجير أنه في أثناء كتابة اليوميات كان بارت يقوم بتحضير دراسته عن «المحايد» في الكوليج دي فرانس، وكتب «الحجرة المضيئة» وقام بتحرير الأوراق الخاصة بمشروعه «فيتانوفا- حياة جديدة»، كما قام بتحضير دراسته المزدوجة عن «إعداد الرواية» في الكوليج، وتندرج هذه الأعمال الكبرى كلها بوضوح تحت معنى موت الأم. (يوميات الحداد) كيف لبارت الذي يقول عن نفسه إنه: «هوية بلا تحديد ولا جوهر ثابت، إشارة حرة، دالّ عائم بلا مدلول، روغان لا نهائي، وانتهاك لكل التخوم والحدود»، أن يقع في شرك الحزن ويتسربل عالمه بالحداد؟! (هكذا يتحدث بارت عن نفسه في كتابه رولان بارت بقلم رولان بارت)؛ فهل استطاع أن يواجه الموت الذي لحق بالأم، هل تملكته الجسارة كي يزيل الوهم عنه، وينفذ إلى داخله ويحيط بشموليته أو يتحرر منه؟ تتجسد في يوميات الحداد نزعة كتابية تؤكد أنه لا يمكن قول كل شيء أو بالأحرى لا يمكن قول الجديد والأشد تطرفًا إلّا بشرط التخلي عن الكلية وتدميرها، كتابة تصير متقطعة على نحو متزايد، كتابة يشكل فيها الجزء في حد ذاته استحالة قول كل شيء، وذلك على النقيض من اختيار شكل أدبي مثل اليوميات الذي يقضي بالعكس بقول كل شيء، بالبوح بكل شيء خاص بالحياة. (إريك مارتن: رولان بارت الأدب والحق في الموت، ترجمة نسرين شكري).
وتعد هذه النزعة امتدادًا لأسلوب بارت الذي يُفضّل الكتابة الشذرية؛ لأنه يرى أن الكتابة في الحقيقة ليست شيئًا سوى البقايا الفقيرة والهزيلة للأشياء العظيمة الموجودة في دواخلنا، وإن ما ننتهي إليه في الكتابة هو الكتل الصغيرة الشاذة الغريبة بالمقارنة مع النسيج المعقد المنسجم الأجزاء الموجود داخلنا، فهو لا يشيد بناءً كليًّا كاملًا بل يعمل على ترك بقايا وفضلات متنوعة ظاهرة للعيان. (حوار مع رولان بارت ضمن كتاب النقد والمجتمع، ترجمة فخري صالح). ينفتح استهلال اليوميات على طقس الرحيل، كصدمة نفسية بين جدلية الموت/ الحداد، العُرس/الفرح تلك اللفتة التي بدأها بارت في 26 من أكتوبر 1977م في اليوم التالي لوفاة الأم، بطاقة صغيرة كتب عليها التاريخ وخطين فقط: «أولى ليالي العُرس، ولكن أول ليلة حداد!» لفتة يترك فيها غالبية المساحة إلى بياض الورق ومن خلال هذا الاختصار وعن طريق الاستخدام المنقوص للمساحة البيضاء تمنح إذنًا بعدم قول كل شيء.
إذا كان الموت هو الحد النهائي الذي يتحدى القيم، ويُكذّب شتى مزاعم الإنسان، ويُلقي على كل ما في وجودنا من آمال ظلال الفناء الأسود البغيض، فإن بارت بحساسيته الغنية يكشف عن كل ما تحمله هذه الواقعة في أنظارنا من معاني الغرابة واللاواقعية والاحتمالية والالتباس والشك وعدم اليقين، وهي تجهز على القدرة على التعبير والكتابة: «هناك وقت يصبح فيه الموت حدثًا ومغامرة، وبهذا المعنى يحرك ويثير الاهتمام ويشد وينشط ويصعق ثم في يوم ما لا يعود حدثًا ولكن مدة أخرى مكدسة لا معنى لها لا تُحكى، معتمة، ميئوس منها: حداد حقيقي غير قابل لأي جدلية سردية». وعندما تعجز اللغة، ويتخذ اليأس منحنى دراميًّا، يخرج بارت من قبو الأرض العلامات الأقدم والأكثر شيوعًا، الحجر الذي هو التجريد النقي، العلامة ذاتها الأصلية التي تنسلخ من ألعاب اللغة، من الثرثرة: «يأس: الكلمة استعراضية إلى درجة كبيرة، لكنها جزء من اللغة/ الحجر». كما يعود الحجر كإشارة فريدة، بدائية، ونهائية لكل تعبير، هذا ما يؤدي إليه الحزن المفرط: «الحزن مثل حجر.. معلق في رقبتي، وفي أعماق نفسي».
تكتسب الأم عند وفاتها قيمة أنطولوجية لا سبيل إلى تعويضها أو استبدالها أو استعاضة غيرها بها، وهنا يرتفع عن الموت طابع الغياب المطلق وتتبدى الأم كأنها حاضرة أمامه وجهًا لوجه، ولكن ما الذي ينتمي إلى ماهية الشخص حينما يكف الجسم في غمار حدث الموت عن أن يكون موجودًا؟ تظهر أطياف الأم في مشاهد عدة في اليوميات، وهي تعكس حالات متباينة في العلاقة بينهما، فمنها ما يؤكد المحاكاة في السلوك إلى درجة التماهي التامّ مع الأم –وإن كان ذلك لا يمنع تداخل خطاب يشي بالسخرية المريرة– وهو عنف موجه ضد الذات كأثر واضح للحزن المترسب: «نحو السادسة مساءً: كانت الشقة دافئة ومريحة ومضيئة ونظيفة، قمت بذلك بقوة وتفانٍ (كنت أستمتع بذلك بمرارة) منذئذ وإلى الأبد أصبحت أنا نفسي أمي نفسها».
ومن ناحية أخرى تظهر الدرجة القصوى من الحنو والشفقة -والأم تحتضر- تجاه الابن وهي تتلمس راحته: «كنت أتجول كيفما كان عبر الحداد، وكانت النقطة الشائكة تعود ثابتة بلا انقطاع: الكلمات التي قالتها لي في أثناء سكرات الموت والمركز المجرد والجهنمي للألم الذي يغمرني («حبيبي ر.، حبيبي ر.» -أنا هنا- «أنت غير مستريح في جلستك»). فبينما يتكرر نداء الأم مرتين تأتي إجابة بارت وحيدة جافة تدل على الوجود كشيء أساسي «أنا هنا» للحي، ساعتها تجيب من على وشك الموت إنها تشفق عليه، وهو قد تحجر واستنزف القدرة على الكلام لأنه معزول عن العالم -في موطن مجرد وجهنمي من الألم- ولكن هيهات للأم أن تكف عن شفافيتها العميقة، وهي حبها الراسخ».
كتاب يوميات الحداد من تأليف رولان بارت والحقوق الفكرية والأدبية للكتاب محفوظة للمؤلف