تحميل كتاب علم الكتابة العربية pdf
الكتابة في حقيقتها نظام من الرموز، تستعمل لتمثيل أصوات اللغة، وقد مرت بأدوار من التطور استغرق قورناً طوالاً، حتى انتهت إلى شكلها الأخير المتمثل بتخصيص رمز كتابي واحد لصوت لغوي واحد، لكنها ظلت في أحسن حالاتها قاصرة عن تمثل النطق تمثيلاً دقيقاً، ومن ثم كان على مستخدمها معرفة الأسس التي تنبني عليها والعوامل التي تؤثر فيها، حتى يتمكن من استخدامها على نحو دقيق، لأن "الخطأ في الهجاء -أي الإملاء- كالخطأ في الكلام".
والكتابة العربية واحدة من الكتابات التي تستخدم على نطاق واسع، وقد حظيت بعناية كبيرة من علماء اللغة والمؤرخين والخطاطين، فظهرت كتب وأبحاث تعنى ببيان قواعدها، كتبها علماء اللغة، وأخرى تعنى بمعرفة أصلها وتاريخ ظهورها كتبها المؤرخون، واعتنى الخطاطون بتوضيح أنواع الخطوط والتفنن في تهذيبها وتجويدها.
ومع كثرة تلك الكتب والأبحاث، وتنوعها في الحجم والمادة، وتفاوتها في القدم والحداثة، فإن المكتبة العربية لا تزال بها حاجة إلى كتاب وسط يجمع إلى جانب القواعد الكتابية، الكلام على أصل الكتابة العربية ويبين تطورها، ويوضح أنواع الخطوط وأشكالها، بحيث يجد الناظر فيه كل ما يتعلق بأمر الكتابة من حيث القواعد، والتاريخ، والفن، على نحو تتحقق فيه أصول البحث العلمي الرصين، بقدر ما يمكن.
والكتاب الذي بين يدينا يأتي في هذا الإطار حيث حرص مؤلفه عند كتابته لفصوله الاستفادة من المصادر القديمة، والأبحاث الحديثة المتعلقة بأصول الكتابة وتطورها وتفرعها، وإذا فات البحث الرجوع إلى المؤلفات الأجنبية بلغاتها الأصلية فإنه لم يفته الإطلاع على ما ترجمه الدارسون المحدثون من تلك المصادر إلى العربية. كما حرص في الحديث عن قواعد الإملاء العربي والعلامات الكتابية على ربط الظواهر الكتابية بأصولها التأريخية القريبة والبعيدة، وهو أمر مفيد في فهم تلك الظواهر، ومعرفة مسارات تطورها.
وخطته في هذا الكتاب تتلخص في تقرير ما استقرت عليه قواعد الإملاء في عصرنا مما سطره علماء الإملاء المتأخرون والمعاصرون في كتبهم ورسائلهم، وما أقرته المجامع اللغوية في دوراتها أو نشراتها، مع العناية بالبعد التأريخي لظواهر الهجاء وقواعد الإملاء حتى يتضح للقارئ سير تطورها، ولكي يتفهم ما تعترضه في بعض الأحيان من أشكال رسمية في بعض المطبوعات أو المخطوطات مما لا يتناسب مع ما هو شائع أو مشهور في زماننا، مما يعد انعكاساً لمذاهب إملائية قديمة مندثرة.
كتاب علم الكتابة العربية من تأليف غانم قدوري الحمد والحقوق الفكرية والأدبية للكتاب محفوظة للمؤلف